فصل: أخبار الزنج مع أغرتمش.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.موت يعقوب الصفار وولاية عمر وأخيه.

وفي سنة خمس وستين أخريات شوال منها مات يعقوب الصفار وقد كان افتتح الرحج وقتل ملكها وأسلم أهلها على يده وكانت مملكة واسعة الحدود وافتتح زابلستان وهي غزنة وكان المعتمد قد استماله وقلده أعمال فارس ولما مات قام أخوه عمرو بن الليث وكتب إلى المعتمد بطاعته فولاه الموفق من قبله ما كان له من الأعمال خراسان وأصبهان والسند وسجستان والشرطة ببغداد وسر من رأى وقبله عبيد الله بن عبد الله بن طاهر وخلع الموفق عمرو بن الليث وولى على أصبهان من قبله أحمد بن عبد العزيز.

.أخبار الزنج مع أغرتمش.

قد كان تقدم لنا إيقاع سليمان بن جامع بأغرتمش وحربه بعد ذلك مع تكين وجعلان ومطر ابن جامع وأحمد بن كيتونة واستيلاؤه على مدينة واسط ثم ولي أغرتمش مكان تكين البخاري ما يتولاه من أعمال الأهواز فدخل تستر في رمضان ومعه مطر محمد جامع وقتل جماعة من أصحاب أبان مأسورين بها ثم سار عسكر مكرم ووافاه هناك علي ابن أبان والزنج فاقتتلوا ثم تجازوا لكثرة الزنج ورجع علي إلى الأهواز وسار أغرتمش إلى الخليل بن أبان ليعبروا إليه من قنطرة أربل وجاءه أخوه علي وخاف أصحابه المخلفون بالأهواز فارتحلوا إلى نهر السروة وتحارب علي وأغرتمش يوما ثم رجع إلى الأهواز ولم يجد أصحابه فبعث من يردهم إليه فلم يرجعوا وجاء أغرتمش وقتل مطر بن جامع في عدة من القواد وجاء المدد لابن أبان من صاحبه الخبيث فوادعه أغرتمش وتركه ثم بعث محمد بن عبيد الله إلى أبكلاى ابن الخبيث في أن يرفع عنه يد ابن أبان فزاد ذلك في غيظه وبعث يطالبه محمد بالخراج ودافعه فسار إليه وهرب محمد من رامهرمز إلى أقصى معاقله ودخل علي والزنج رامهرمز وغنموا ما فيها ثم صالحه محمد على مائتي ألف درهم وترك أعماله ثم استنجده بن عبيد الله على الأكراد على أن لعلي غنائمهم فاستخلف علي على ذلك مجلز وطلب منه الرهن فمطل وبعث إليه الجيش فزحف بهم إلى الأكراد فلما نشب القتال انهزم أصحاب محمد فانهزم الزنج وأثخن الأكراد فيهم وبعث علي من يعترضهم فاستلبوهم وكتب علي إلى محمد يتهدده فاعتذر ورد عليهم كثيرا من أسلابهم وخشي من الخبيث وبعث إلى أصحابه مالا ليسألوه في الرضا عنه فأجابهم إلى ذلك على أن يقيم دعوته في أعماله ففعل كذلك ثم سار ابن أبان لحصار موتة واستكثر من آلات الحصار وعلم بذلك مسرور البلخي وهو بكور الأهواز فسار إليه ووافاه عليها فانهزم ابن أبان وترك ما كان حمله هناك وقتل من الزنج خلق وجاء الخبر بمسير الموفق إليهم.

.استرجاع ابن الموفق ما غلب عليه الزنج من أعمال دجلة.

لما دخل الزنج واسط وعاثوا فيها كما ذكرناه بعث الموفق ابنه أبا العباس وهو الذي ولي الخلافة بعد المعتمد ولقب المعتضد فبعثه أبوه بين يديه في ربيع سنة ست وستين في عشرة آلاف من الخيل والرجال وركب لتشييعه وبعث معه السفن في النهر عليها أبو حمزة نصر فسار حتى وافى الخيل والرجل والسفن النهرية وعلى مقدمته الجناني وأنهم نزلوا الجزيرة قريبا من بردرويا وجاءهم سليمان بن موسى الشعراني مددا بمثل ذلك وأن الزنج اختلفوا في الاحتشاد ونزلوا من السفح إلى أسفل واسط ينتهزون الفرصة في ابن الموفق لما يظنون من قلة دراسيته بالحرب فركب أبو العباس لاستعلام أمرهم ووافى نصيرا فلقيهم جماعة من الزنج فاستطرد لهم أولا ثم كر في وجوههم وصاح بنصير فرجع وركب أبو العباس السفن النهرية فهزم الزنج وأثخن فيهم واتبعهم ستة فراسخ وغنم من سعيهم وكان ذلك أول الفتح ورجع سليمان بن جامع إلى نهر الأمين وسليمان بن موسى الشعراني إلى سوق الخميس وأبو العباس على فرسخ من واسط يغاديهم القتال ويراوحهم ثم احتشد سليمان وجاء من ثلاثة وجوه وركب في السفن النهرية وبرز إليه نصير في سفنه وركب معه أبو العباس في خاصته وأمر الجند بمحاذاته من الشط ونشب الحرب فوقعت الهزيمة على الزنج وغنمت سفنهم وأفلت سليمان والجناني من الهلكة وبلغوا طهتا ورجع أبو العباس إلى معسكره وأمر بإصلاح السفن المغنومة وحفر الزنج في طريق الجبل الآبار وغطوها فوقع بعض الفرسان فيها فعدل جند السلطان عن ذلك الطريق وأمر الخبيث أصحابه بالسفن في النهر وأغاروا على سفن أبي العباس وغنموا بعضها وركب في اتباعهم واستنقذ سفنهم وغنم من سفنهم نحوا من ثلاثين وجد في قتالهم وتحصن ابن جامع بطهتا وسمى مدينته المنصورة والشعراني بسوق الخميس وسمى مدينته المنيعة وكان أبو العباس يغير على الميرة التي تأتيهم من سائر النواحي وركب في بعض الأيام إلى مدينة الشعراتي التي سماها المنيعة وركب نصير في النهر وافترقوا في مسيرهم واعترضت أبا العباس جماعة من الزنج فمنعوه من طريق المدينة وقاتلوه مقدار نهاره وأشاعوا قتل نصير وخالفهم نصير إلى المدينة فأثخن فيها وأضرموا النار في بيوتها وجاء الخبر بذلك إلى أبي العباس بسبرة ثم جاء نصير ومعه أسرى كثيرون فقاتلوا الزنج وهزموهم ورجع أبو العباس إلى عسكره وبعث الخبيث إلى ابن أبان وابن جامع فأمرهما بالاجتماع على حرب أبي العباس.